Description
كتبْتُ هذه القصائدَ، وأنا أسألُ نفسي: «أأنا إنسانٌ؟!». وإن كنْتُ إنساناً، فإلى أيّ عرقٍ أنتمي؟! «أنا كورديٌّ». أجيبُ نفسي بقوّة. «لماذا يرفضُك هذا الشرقُ الغارقُ في جهاتِه وتقاسيمِه، وينكرُ أصلَك وعِرقَك؟!». تسألُني نفسي مجدّداً.
كتبْتُ هذه القصائدَ، وأنا أشاهدُ السماءَ ترمي قيودَها، قيودَ القمعِ والاستبدادِ، لكنّه السوادُ، يختفي بطريقةٍ، ويظهرُ بطريقةٍ أخرى، كطوفانٍ مفاجئٍ. كتبْتُ هذه القصائدَ، وأنا أصلّي في الصباحِ الباكرِ لعمّي وصديقي محمّد سالم – شقيقُ والدي – الذي رحلَتْ ابتسامتُه وضحكتُه عنّا في الثالث من كانون الثاني عام 2025م، فصارَ الصباحُ مظلماً، والنهارُ طويلاً.
كتبْتُ هذه القصائدَ، وأنا أراقبُ الأفقَ، في مدينةٍ أقفُ في منتصفِ جحيمِها الحيِّ، حقيبتي مليئةٌ بالخوفِ والندمِ والهمِّ، أصغي إلى أصواتِ الملائكةِ، في صوتِ عمّي وملامحِه، والوشومُ المرسومةُ على يدِه، تنادينا.
كتبْتُ هذه القصائدَ، وأنا أتأمّلُ جنازةً، كانَ يجبُ عليها أن تعبرَ تخومَ الحدودِ بساعةٍ، فوصلَتْ مَرقدَها بعدَ ثمانٍ وأربعين ساعةً؛ فأسلاكٌ من الدم تُغرِقُ خريطةَ الوطنِ ومَراصدَ الروحِ.
كتبْتُ هذه القصائدَ، وأنا أحضنُ إغماءاتِ «هَيما» في السيّارةِ، وبكاءً يرتجفُ في صدرِها صارخاً ناجياً: «كنْتُ أصلّي لك يا أبي، فلم أكنْ أعلمُ أن عزرائيلَ يحومُ فوقَ سريرِك، وتلك الأجهزةُ تستنشقُ من شرايينك، فأخذَك على غفلةٍ قاسيةٍ وكبيرةٍ».
إدريس سالم
مراصد الروح
Reviews
There are no reviews yet.